المقدمة
بسم الله والحمد لله ذو الجلال والجمال والكمال لا إله غيره سبحانه والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد القائل (أدبني ربى فأحسن تأديبى) المنزّل فيه (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وعلى آله الطاهرين وأصحابه الراضين المرضيين وعلي جميع أولياء الله الصالحين.
أما بعد :
فإن الناس متفاوتون في أهدافهم ورغباتهم وغاياتهم فمنهم:
من غايته الدنيا فقط ، وهؤلاء قال عنهم رب العالمين (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا) (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) وهؤلاء قوم لا خير فيهم ، أو يتوب الله عليهم.
ومنهم من غايته الآخرة فقط وهؤلاء قال عنهم رب العالمين (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) وهؤلاء علي خير وهم أهل الزهد والخوف والبكاء .
ومنهم من يجمع بين الدنيا والآخرة وهؤلاء قال عنهم رب العالمين (رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
وهؤلاء هم أهل الصلاح والبر والرجاء .
ومنهم من غايته الله وحده مشغولون بمولاهم عن كل ما سواه ، وهؤلاء قال عنهم رب العالمين (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ، وهم خاصة أهل الله وهم أهل الأدب والحب والفناء .
وهم المعنيون بهذا الكتاب خاصة إذْ أنهم وحدهم السالكون إلى الله الذين يطرقون كل الأبواب والطرق الموصلة إلى الله لا يعبئون بالعقبات التى تقابلهم حتى يبلغوا مناهم من مولاهم أو يموتوا على ذلك
فهم يحيون بالله ولله متأدبين مع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ومع مشايخهم أهل الولاية والإرشاد، ومع إخوانهم والناس جميعاً إذْ أن الأدب هو عُدة السالك إلى الله تبارك وتعالى وزادهم إليه سبحانه
وبين يدي القارئ العزيز جملة من النصائح والآداب قد يعتقد البعض أنها يصعب التحلى بها، وهى كذلك بالفعل ولكن على من أراد الدخول على الله بنفسه وحوله وقوته . وأما من تبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته وأخذ بالأسباب سالكاً إلى الله على يد ولى مرشد يأخذ بيده إلى الله ويزكيه فإن هذه الآداب تكون سهلة وميسورة بإذن الله تعالى ويأتيه العون من ربه عز وجل ويكون سالكاً بحق إلى الحق .
وهذا الكتاب الجليل هوجملة من النصائح والآداب والإرشادات المفيدة جداً والنادرة لمن فقد الشيخ المرشد إلى الله، وهى كذلك نافعة لمن وجد الشيخ ، فبعض المشايخ لا يجدون الوقت الكافى لإرشاد السالك إلى الله نظراً لضيق وقته وانشغاله بالعمل لمعاش أهله وأولاده ، أو لسفره الدائم وبعده عن شيخه ، أو لكون الشيخ شيخ بركة وليس شيخ تربية ، أو لكون الشيخ من أهل الجذب فلا يمكن السلوك على يديه ، وغير ذلك من الأسباب التي تخص السالك أو الشيخ .
إن هذا الكتاب هو روح إرشادية تتجلى للسالك وكأنها شيخ متنقل معه أينما كان ينهل منه الإرشادات والآداب والنصائح العرفانية.
وعملى فى هذا السِفْر الجليل هو جمع ما تفرق من تلك الآداب فى كتب شيخى وما قاله لنا فى بعض دروسه ، وعندما علم شيخى بنيتي في هذا العمل كتب لى ما يقرب من نصف الكتاب فى مجلس واحد .
وكلها ولله الحمد مستمدة من كتاب الله وسنّة نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا فضل من الله على عظيم أعجز كل العجز عن شكره عليه .
أسأل المولى عز وجل أن ينفعنى بهذا الكتاب وينفع جميع السالكين إليه سبحانه ، إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله علي سيدنا ومولانا محمد وآله أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين.
العزيزة بخدمة شيخها إلى الله تعالى
أم أحمد الله بنت خيري مصطفي سالم
Facebook
Twitter
LinkedIn