(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)
من كتاب لسان العرفان وبيان الترجمان ” لمولانا حبيب الكل” في نصائح سلوكيه
قال ((إن أردت التجريد فلا تلفت إلى غيره تعالى ،وإن أردت التفريد فلا تعتمد على سواه سبحانه وتعالى ،وإن أردت التوحيد فلا تدعو سواه تبارك وتعالى)).
التجريد: هو خلو قلب العبد وسره عما سوى الله ، وذلك بأن يتجرد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض. وهو: ألا يأخذ من عرض الدنيا شيئا، ولا يطلب على ما ترك منها عوضا: من عاجل ولا آجل، بل يفعل ذلك لوجوب حق الله تعالى، لا لعلة غيره، ولا لسبب سواه، ويتجرد بسره عن ملاحظة المقامات التي يخلها، والأحوال التي ينازلها ( بمعنى: السكون إليها والاعتناق لها ). فإذا أراد العبد التجريد أي التفرغ لعبادة الله واحده فلا يلتفت إلى غيره من ألأسباب أو الانشغال بغيره سبحانه لأنه بذالك ملتفت إلى غير الله تعالى والملتفت لا يصل. قال تعالى (((وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) والتفريد: هو إفراد الحق بالإيثار .أو هو تخليص الأعمال من شوائب النفوس وهو حال يصل إليه السالك بعد التجريد,وهو أن تكون أفعاله لله وحده، فلا يكون فيها رؤية نفس، ولا مراعاة خلق، ولا مطالعة عوض، ويتفرد في الأحوال عن الأحوال: فلا يرى لنفسه حالا،ولذا قال مولانا إذا أردت التفريد فلا تعتمد على سواه.قال تعالى (أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)
و التوحيد: هو أن لا يرى في الوجود إلا واحداً فلا يرى نفسه. أو هو ظهور صفة الوحدانية للعبد حتى ينمحق كله فيها؛ ولا يبقى له أثر إلا مجرد التصديق القلبي بأن ذلك حق. أو هو شهادة المؤمن يقيناً، أن الله – تعالى – هو الأول في كل شيء، وأقرب من كل شيء، وهو المعطي المانع لا معطي ولا مانع ولا ضار ولا نافع إلا هو. فإذا أراد العبد الله وحده فلا يدعو سواه قال تعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) وقال تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾
وصلى اللهم على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم .
